کد مطلب:90702 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:159

کلام له علیه السلام (152)-بعد الجمل و النهروان















لمّا قال له رهط من شیعته، فیهم مالك الأشتر: إنّا قاتلنا أهل البصرة و أهل الكوفة و رأی الناس واحد،

و قد اختلفوا بعد، و تعادوا، وضعفت النیة، و قلّ العدد، و أنت تأخذهم بالعدل، و تعمل فیهم بالحق، و تنصف الوضیع من الشریف، فلیس للشریف عندك فضل منزلة علی الوضیع. فضجّت طائفة ممن معك إذ عمّوا به،

و اغتمّوا من العدل إذ صاروا فیه. و صارت صنائع معاویة عند أهل الغناء و الشرف، فتاقت أنفس الناس إلی الدنیا، و قلّ من الناس من لیس للدنیا بصاحب، و أكثرهم من یجتوی الحق و یستمرئ الباطل و یؤثر الدنیا. فإن تبذل المال یا أمیر المؤمنین تمِل إلیك أعناق الرجال، و تصفُ ودّهم، و تستخلص نصیحتهم و...

فقال علیه السلام مخاطباً الأشتر:

أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَمَلِنَا وَ سیرَتِنَا بِالْعَدْلِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَسَاءَ فَعَلَیْهَا وَ مَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبیدِ[1].

[صفحه 680]

وَ أَنَا مِنْ أَنْ أَكُونَ مُقَصِّراً فیمَا ذَكَرْتَ أَخْوَفُ.

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ ثَقُلَ عَلَیْهِمْ فَفَارَقُونَا لِذَلِكَ، فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَمْ یُفَارِقُونَا مِنْ جَوْرٍ،

وَ لاَ لَجَؤُوا إِذْ فَارَقُونَا إِلی عَدْلٍ، وَ لَمْ یَلْتَمِسُوا إِلاَّ دُنْیَا زَائِلَةً عَنْهُمْ كَأَنْ قَدْ فَارَقُوهَا، وَ لَیُسْأَلُنَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ: أَلدُّنْیَا أَرَادُوا، أَمْ للَّهِ عَمِلُوا؟.

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ بَذْلِ الأَمْوَالِ، وَ اصْطِنَاعِ الرِّجَالِ، فَإِنَّهُ لاَ یَسَعُنَا أَنْ نُؤْتِیَ امْرَأً مِنَ الْفَیْ ءِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ.

وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلیلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثیرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرینَ[2].

وَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَحْدَهُ، فَكَثَّرَهُ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَ أَعَزَّ فِئَتَهُ بَعْدَ الذِّلَّةِ،

وَ إِنْ یُوِدِ اللَّهُ أَنْ یُوَلِّیَنَا هذَا الأمْرَ یُذَلِّلْ لَنَا صَعْبَهُ، وَ یُسَهِّلْ لَنَا حَزَنَهُ.

وَ أَنَا قَابِلٌ مِنْ رَأْیِكَ مَا كَانَ للَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضیً، وَ أَنْتَ مِنْ آمَنِ أَصْحَابی عِنْدی، وَ أَنْصَحِهِمْ لی، وَ أَوْثَقِهِمْ فی نَفْسی إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ثم خاطب علیه السلام الآخرین فقال:

وَیْحَكُمْ[3] أَتَأْمُرُونّی أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فیمَنْ وُلّیتُ عَلَیْهِ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ؟[4].

وَ اللَّهِ، لاَ أَطُورُ بِهِ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ، وَ[5] مَا سَمَرَ بِنَا[6] سَمیرٌ، وَ مَا أَمَّ نَجْمٌ فِی السَّمَاءِ نَجْماً.

وَ اللَّهِ[7] لَوْ كَانَ الْمَالُ لی لَسَوَّیْتُ بَیْنَهُمْ[8]، فَكَیْفَ وَ إِنّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّهِ؟.

[صفحه 681]

ثم قال علیه السلام:

وَ اللَّهِ مَا دُنْیَاكُمْ عِنْدی إِلاَّ كَسَفْرٍ عَلی مَنْهَلٍ حَلُّوا إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ فَارْتَحَلُوا، وَ لاَ لَذَاذَتُهَا فی عَیْنی إِلاَّ كَحَمیمٍ أَشْرَبُهُ غَسَّاقاً، أَوْ عَلْقَمٍ أَتَجَرَّعُهُ زُعَاقاً، أَوْ سُمِّ أَفْعَاةٍ أُسْقَاهُ دِهَاقاً، أَوْ قِلاَدَةٍ مِنْ نَارٍ أُوهَقُهَا خِنَاقاً[9].

وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَعْتُ مِدْرَعَتی هذِهِ حَتَّی اسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَاقِعِهَا.

وَ لَقَدْ قَالَ لی قَائِلٌ: أَلاَ تَنْبِذُهَا عَنْكَ[10]، لاَ یَرْتَضیهَا لِیَرْقَعَهَا[11].

فَقُلْتُ: اغْرُبْ عَنّی، فَعِنْدَ الصَّبَاحِ یَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّری، وَ یَنْجَلی عَنَّا عَلاَلاَتُ الْكِری.

وَ اللَّهِ، لَوْ شِئْتُ، لَتَسَرْبَلْتُ بِالْعَبْقَرِیِّ الْمَنْقُوشِ مِنْ دیبَاجِكُمْ، وَ لأَكَلْتُ لُبَابَ هذَا الْبُرِّ بِصُدُورِ دَجَاجِكُمْ، وَ شَرِبْتُ الْمَاءَ الزُّلاَلَ بِرَقیقِ زُجَاجِكُمْ، وَ لكِنّی أُصَدِّقُ اللَّهَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ حَیْثُ یَقُولُ: مَنْ كَانَ یُریدُ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا وَ زینَتَهَا نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فیهَا وَ هُمْ فیهَا لاَ یُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ[12].

فَكَیْفَ أَسْتَطیعُ الصَّبْرَ عَلی نَارٍ لَوْ قُذِفَ بِشَرَارَةٍ مِنْ شَرَرِهَا إِلَی الأَرْضِ لأَحْرَقَتْ نَبْتَهَا، وَ لَوِ اعْتَصَمَتْ نَفْسٌ بِقُلَّةٍ لأَنْضَجَهَا وَهْجُ النَّارِ فی قُلَّتِهَا.

وَ أَیُّمَا خَیْرٌ لِعَلِیٍّ، أَنْ یَكُونَ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مُقَرَّباً، أَوْ یَكُونَ فی لَظی خَسیئاً مُبَّعَداً، مَسْخُوطاً عَلَیْهِ بِجُرْمِهِ مُكَذِّباً؟[13].

وَ اللَّهِ لأَنْ أَبیتَ عَلی حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً، أَوْ أُجَرَّ فِی الأَغْلاَلِ مُصَفَّداً، أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَی اللَّهَ تَعَالی[14] وَ رَسُولَهُ مُحَمَّداً[15] صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَ غَاصِباً لِشَیْ ءٍ مِنَ الْحُطَامِ.

[صفحه 682]

وَ كَیْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ یُسْرِعُ إِلَی الْبِلی قُفُولُهَا، وَ یَطُولُ فِی الثَّری حُلُولُهَا، وَ إِنْ عَاشَتْ رُوَیْداً فِبِذِی الْعَرْشِ نُزُولُهَا؟.

مَعَاشِرَ شیعَتِی، احْذَرُوا فَقَدْ عَضَّتْكُمُ الدُّنْیَا بِأَنْیَابِهَا، تَخْتَطِفُ مِنْكُمْ نَفْساً بَعْدَ نَفْسٍ كَذِئَابِهَا،

وَ هذِهِ مَطَایَا الرَّحیلِ قَدْ أُنیخَتْ لِرُكَّابِهَا.

أَلاَ إِنَّ الْحَدیثَ ذُو شُجُونٍ.

فَلاَ یَقُولَنَّ قَائِلُكُمْ: إِنَّ كَلاَمَ عَلِیٍّ مُتَنَاقِضٌ. لأَنَّ الْكَلاَمَ عَارِضٌ.

وَ لَقَدْ بَلَغَنی أَنَّ رَجُلاً مِنْ قُطَّانِ الْمَدَائِنِ تَبِعَ بَعْدَ الْحَنیفِیَّةِ عُلُوجَهُ، وَ لَبِسَ مِنْ نَالَةِ دِهْقَانِهِ مَنْسُوجَهُ، وَ تَضَمَّخَ بِمِسْكِ هذِهِ النَّوَافِجِ صَبَاحَهُ، وَ تَبَخَّرَ بِعُودِ الْهِنْدِ رَوَاحَهُ، وَ حَوْلَهُ رَیْحَانُ حَدیقَةٍ یَشُمُّ تُفَّاحَهُ، وَ قَدْ مُدَّ لَهُ مَفْرُوشَاتُ الرُّومِ عَلی سُرُرِهِ.

تَعْساً لَهُ بَعْدَ مَا نَاهَزَ السَّبْعینَ مِنْ عُمُرِهِ. وَ حَوْلَهُ شَیْخٌ یَدُبُّ عَلی أَرْضِهِ مِنْ هَرَمِهِ، وَ ذَا یُتْمَةٍ تَضَوَّرَ مِنْ ضُرِّهِ وَ مِنْ قَرْمِهِ، فَمَا وَاسَاهُمْ بِفَاضِلاَتٍ مِنْ عَلْقَمِهِ.

لَئِنْ أَمْكَنَنِی اللَّهُ مِنْهُ لأَخْضِمَنَّهُ خَضْمَ الْبُرِّ، وَ لأُقیمَنَّ عَلَیْهِ حَدَّ الْمُرْتَدِّ، وَ لأَضْرِبَنَّهُ الثَّمَانینَ بَعْدَ حَدٍّ، وَ لأَسُدَّنَّ مِنْ جَهْلِهِ كُلَّ مَسَدٍّ.

تَعْساً لَهُ.

أَفَلاَ شَعَّرَ. أَفَلاَ صَوَّفَ. أَفَلاَ وَبَّرَ؟.

أَفَلاَ رَغیفٌ قِفَارٌ لِلَیْلِ إِفْطَارٍ مُقَدَّمٍ؟.

أَفَلاَ عَبْرَةٌ عَلی خَدٍّ فی ظُلْمَةِ لَیْلٍ تَنْحَدِرُ؟.

وَ لَوْ كَانَ مُؤْمِناً لاتَّسَعَتْ لَهُ الْحُجَّةُ إِذَا ضَیَّعَ مَا لاَ یَمْلِكُ[16].

وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ أَخی[17] عَقیلاً وَ قَدْ أَمْلَقَ حَتَّی اسْتَمَاحَنی مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً، وَ عَاوَدَنی فی عَشْرِ وُسَقٍ مِنْ شَعیرِكُمْ یُطْعِمُهُ جِیَاعَهُ، وَ كَادَ یَطْوی ثَالِثَ أَیَّامِهِ خَامِصاً مَا اسْتَطَاعَهُ[18].

[صفحه 683]

وَ رَأَیْتُ صِبْیَانَهُ[19] غَرْثی، شُعْثَ الشُّعُورِ مِنْ ضُرِّهِمْ[20]، غُبْرَ الأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمُ بِالْعِظْلِمِ.

وَ عَاوَدَنی مُؤَكِّداً، وَ كَرَّرَ عَلَیَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً، فَأَصْغَیْتُ إِلَیْهِ سَمْعی، فَغَرَّهُ، وَ[21] ظَنَّ أَنّی أَبیعُهُ دینی، وَ أَتَّبِعُ قِیَادَهُ مُفَارِقاً طَریقَتی[22].

فَأَحْمَیْتُ لَهُ حَدیدَةً، ثُمَّ أَدْنَیْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِیَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجَّ ضَجیجَ ذی دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا،

وَ كَادَ أَنْ یَحْتَرِقَ مِنْ مَیْسَمِهَا.

فَقُلْتُ لَهُ: ثَكَلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، یَا عَقیلُ، أَتَئِنُّ مِنْ حَدیدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ[23]، وَ تَجُرُّنی إِلی نَارٍ سَجَّرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ[24] ؟.

أَ تَئِنُّ مِنَ الأَذی وَ لاَ أَئِنُّ مِنْ لَظی؟.

وَ اللَّهِ لَوْ سَقَطَتِ الْمُكَافَاةُ عَنِ الأُمَمِ، وَ تُرِكَتْ فی مَضَاجِعِهَا بَالِیَاتٌ فِی الرَّمَمِ، لاسْتَحْیَیْتُ مِنْ مَقْتِ رَقیبٍ یَكْشِفُ فَاضِحَاتٍ مِنَ الأَوْزَارِ تُنْسَخُ.

فَصَبْراً عَلی دُنْیَا تَمُرُّ بِلأْوَائِهَا كَلَیْلَةٍ بِأَحْلاَمِهَا تَنْسَلِخُ.

كَمْ بَیْنَ نَفْسٍ فی خِیَامِهَا نَاعِمَةٌ وَ بَیْنَ أَثیمٍ فی جَحیمٍ یَصْطَرِخُ.

فَلاَ تَعْجَبْ مِنْ هذَا[25].

وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ زَمَّلَهَا[26] فی وِعَائِهَا، وَ مَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا بَسَطَهَا فی

[صفحه 684]

إِنَائِهَا[27]، كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِریقِ حَیَّةٍ أَوْ قَیْئِهَا.

فَقُلْتُ: أَصِلَةٌ، أَمْ زَكَاةٌ، أَمْ صَدَقَةٌ، فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ كُلُّهُ عَلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتِ[28]، وَ عُوِّضْنَا مِنْهُ خُمْسَ ذِی الْقُرْبی فِی الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ[29].

فَقَالَ: لاَ ذَا وَ لاَ ذَاكَ، وَ لكِنَّهَا هَدِیَّةٌ.

فَقُلْتُ: هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ، أَعَنْ دینِ اللَّهِ أَتَیْتَنی لِتَخْدَعَنی بِمَعْجُونَةٍ عَرَّقْتُمُوهَا بِقَنْدِكُمْ، وَ خَبیصَةٍ صَفْرَاءَ أَتَیْتَنی بِهَا بِعَصیرِ تَمْرِكُمْ؟[30].

أَمُخْتَبِطٌ أَنْتَ، أَمْ ذُو جِنَّةٍ، أَمْ تَهْجُرُ؟.

أَلَیْسَتِ النُّفُوسُ عَنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مَسْؤُولَةٌ؟.

فَمَاذَا أَقُولُ فی مَعْجُونَةٍ أَتَزَقَّمُهَا مَعْمُولَةً؟[31].

وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطیتُ الأَقَالیمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاَكِهَا، وَ اسْتُرِقَّ لی قُطَّانُهَا، مُذْعِنَةً بِأَمْلاَكِهَا[32]، عَلی أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ فی نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جِلْبَ[33] شَعیرَةٍ فَأَلُوكُهَا[34]، مَا فَعَلْتُ وَ لاَ أَرَدْتُ[35].

وَ اللَّهِ إِنَّ دُنْیَاكُمْ[36] هذِهِ عِنْدی[37] لأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فی فَمِ[38] جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا، وَ أَقْذَرُ عِنْدی[39] مِنْ عِرَاقِ خِنْزیرٍ یَقْذِفُ بِهَا أَجْذَمُهَا[40]، وَ أَمَرُّ عَلی فُؤَادی مِنْ حَنْظَلَةٍ یَلُوكُهَا ذُو سَقَمٍ

[صفحه 685]

فَیَبْشِمُهَا، فَكَیْفَ أَقْبَلُ مَلْفُوفَةً عَكَمْتَهَا فی طَیِّهَا، وَ مَعْجُونَةٍ كَأَنَّهَا عُجِنَتْ بِریقِ حَیَّةٍ أَوْ قَیْئِهَا؟.

اَللَّهُمَّ إِنّی نَفَرْتُ عَنْهَا نَفَارَ الْمُهْرَةِ مِنْ كَیِّهَا[41].

مَا لِعَلِیٍّ وَ نَعیمٍ[42] یَفْنی، وَ لَذَّةٍ لاَ تَبْقی.

فَدَعُونی أَكْتَفی مِنْ دُنْیَاكُمْ بِمِلْحی وَ أَقْرَاصی، فَبِتَقْوَی اللَّهِ أَرْجُو خَلاَصی.

سَأَلْقی وَ شیعَتی رَبَّنَا بِعُیُونٍ سَاهِرَةٍ، وَ بُطُونٍ خِمَاصٍ، لِیُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذینَ آمَنُوا وَ یَمْحَقَ الْكَافِرینَ[43].

نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ، وَ قُبْحِ الزَّلَلِ، وَ سَیِّئَاتِ الْعَمَلِ، وَ بِهِ نَسْتَعینُ.

وَ صَلَّی اللَّهُ عَلی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرینَ[44].

ثم أرمَّ علیه السلام طویلاً ساكتاً. ثم رفع رأسه و قال:

إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فی أَمْوَالِ الأَغْنِیَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فَمَا جَاعَ فَقیرٌ إِلاَّ بِمَا مُتِّعَ بِهِ[45] غَنِیُّ. وَ اللَّهُ تَعَالی جَدُّهُ یُسَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.

أَلاَ وَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَهُ مَالٌ فَإِیَّاهُ وَ الْفَسَادَ[46]، فَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فی غَیْرِ حَقِّهِ[47] تَبْذیرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ فَسَادٌ[48].

[صفحه 686]

وَ هُوَ وَ إِنْ كَانَ[49] یَرْفَعُ صَاحِبَهُ[50] فِی الدُّنْیَا فَهُ[51] وَ یَضَعُهُ فِی الآخِرَةِ، وَ یُكْرِمُهُ فِی النَّاسِ وَ یُهینُهُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[52].

وَ لَمْ یَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فی غَیْرِ حَقِّهِ، وَ لاَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ، إِلاَّ حَرَمَهُ اللَّهُ تَعَالی[53] شُكْرَهُمْ،

وَ كَانَ لِغَیْرِهِ وُدُّهُمْ.

فَإِنْ بَقِیَ مَعَهُ مَنْ یُریدُ الْوُدَّ، وَ یُظْهِرُ لَهُ الشُّكْرَ، فَإِنَّمَا هُوَ مَلَقٌ وَ كَذِبٌ یُریدُ التَّقَرُّبَ بِهِ إِلَیْهِ[54].

وَ لَیْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فی غَیْرِ حَقِّهِ، وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ، مِنَ الْحَظِّ فیمَا أَتی، إِلاَّ مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ، وَ ثَنَاءُ الأَشْرَارِ، وَ مَقَالَةُ الْجُهَّالِ، مَا دَامَ مُنْعِماً عَلَیْهِمْ مَا أَجْوَدَ یَدَهُ، وَ هُوَ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ بَخیلٌ.

فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ[55] النَّعْلُ یَوْماً، فَاحْتَاجَ إِلی مَعُونَتِهِمْ أَوْ مُكَافَأَتِهِ[56]، فَشَرُّ خَلیلٍ، وَ أَلأَمُ خَدینٍ.

فَأَیُّ حَظٍّ أَبْوَرَ وَ أَخْسَرُ مِنْ هذَا الْحَظِّ؟.

وَ أَیُّ فَائِدِ مَعْرُوفٍ أَضْیَعُ وَ أَقَلُّ عَائِدَةٍ مِنْ هذَا الْمَعْرُوفِ؟[57].

فَمَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَلْیَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ، وَلْیُحْسِنْ مِنْهُ الضِّیَافَةَ، وَلْیَفُكَّ بِهِ الأَسیرَ وَ الْعَانی،

وَلْیُعْطِ مِنْهُ الْفَقیرَ وَلْیُعِنْ بِهِ[58] الْغَارِمَ وَ ابْنَ السَّبیلِ، وَ الْمُهَاجِرینَ وَ الْمُجَاهِدینَ فی سَبیلِ اللَّهِ[59]،

وَلْیَصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَی الْحُقُوقِ وَ النَّوَائِبِ[60]، ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ. فَإِنَّ فَوْزاً[61] بِهذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ

[صفحه 687]

مَكَارِمِ الدُّنْیَا، وَ دَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.


صفحه 680، 681، 682، 683، 684، 685، 686، 687.








    1. فصّلت، 46.
    2. البقرة، 249.
    3. ورد فی الغارات ص 84. و شرح ابن أبی الحدید ج 2 ص 198. و البحار ج 41 ص 122. و منهاج البراعة ج 8 ص 193.

      باختلاف بین المصادر.

    4. ورد فی نثر الدرّ ج 1 ص 318. و تحف العقول ص 131. و البحار ج 41 ص 122. و منهاج البراعة ج 8 ص 193.
    5. ورد فی أمالی الطوسی ص 197. و شرح ابن أبی الحدید ج 2 ص 203. و مناقب آل أبی طالب ج 2 ص 110. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 659 و ج 40 ص 321 و ج 41 ص 108. و منهاج البراعة ج 8 ص 192. و نهج السعادة ج 2 ص 450. و نهج البلاغة الثانی ص 150.
    6. ورد فی نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 318.
    7. ورد فی أمالی الطوسی ص 197. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 659. و البحار ج 41 ص 111 و 122. و منهاج البراعة ج 8 ص 192 و 193. و نهج السعادة ج 2 ص 450. و نهج البلاغة الثانی ص 150.
    8. و لو كان المال مالهم لواسیت بینهم. ورد فی منهاج البراعة للخوئی ج 8 ص 192.
    9. ورد فی البحار ج 40 ص 345. و منهاج البراعة ج 14 ص 298. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    10. إقذف بها قذف الأتن. ورد فی المصادر السابقة. و مناقب آل أبی طالب لابن شهر اشوب ج 2 ص 117. باختلاف.
    11. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف یسیر.
    12. هود، 15.
    13. ورد فی البحار ج 40 ص 345. و منهاج البراعة ج 14 ص 298. و مصباح البلاغة ج 1 ص 216 عن أمالی الصدوق. باختلاف یسیر.
    14. ورد فی تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزی ص 143. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 89.
    15. ورد فی البحار ج 40 ص 345. و منهاج البراعة ج 14 ص 298. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    16. ورد فی البحار ج 40 ص 345. و منهاج البراعة ج 14 ص 298. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق. باختلاف یسیر.
    17. ورد فی المصادر السابقة.
    18. ورد فی المصادر السابقة. و مناقب آل أبی طالب ج 2 ص 126. و البحار ج 41 ص 114. باختلاف یسیر.
    19. أطفاله. ورد فی و مناقب آل أبی طالب ج 2 ص 126. و البحار ج 40 ص 345 و ج 41 ص 114. و منهاج البراعة ج 14 ص 298. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    20. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف.
    21. ورد فی المصادر السابقة.
    22. طریقی. ورد فی هامش نسخة ابن المؤدب ص 220. و نسخة الآملی ص 197. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 227. و نسخة الأسترابادی ص 365. و نسخة عبده ص 494. و نسخة العطاردی ص 264.
    23. لمدعبة. ورد فی البحار ج 40 ص 347. و منهاج البراعة ج 14 ص 300. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    24. من غضبه. ورد فی المصادر السابقة.
    25. ورد فی المصادر السابقة.
    26. ورد فی المصادر السابقة.
    27. ورد فی البحار ج 40 ص 347. و منهاج البراعة ج 14 ص 300. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    28. أهل بیت النّبوّة. ورد فی المصادر السابقة.
    29. ورد فی المصادر السابقة.
    30. ورد فی المصادر السابقة.
    31. ورد فی المصادر السابقة.
    32. ورد فی المصادر السابقة.
    33. جلف. ورد فی نسخة الأسترابادی ص 366.
    34. ورد فی البحار ج 40 ص 347. و منهاج البراعة ج 14 ص 300. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    35. ورد فی المصادر السابقة.
    36. لدنیاكم. ورد فی نسخ النهج بروایة ثانیة.
    37. فی عینی. ورد فی نسخ النهج بروایة ثانیة.
    38. فیّ. ورد فی البحار للمجلسی ج 40 ص 347. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 300.
    39. ورد فی المصدرین السابقین. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    40. ورد فی المصادر السابقة. و ورد فی ید مجذوم فی نسخ النهج بروایة ثانیة.
    41. ورد فی البحار ج 40 ص 347. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 300. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    42. لنعیم. ورد فی نسخة العام 400 ص 215. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 227. و هامش نسخة الأسترابادی ص 366.و نسخة عبده ص 495.
    43. آل عمران، 141. و وردت الفقرة فی البحار ج 40 ص 347. و منهاج البراعة ج 14 ص 300. و مصباح البلاغة ج 1 ص 215 عن أمالی الصدوق.
    44. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف یسیر.
    45. منع. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 488. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 421.
    46. النّسار. ورد فی و وردت الفقرة فی أمالی الطوسی ص 198. و نثر الدّر ج 1 ص 318. و تحف العقول ص 131.

      و البحار ج 41 ص 109 و 122. و منهاج البراعة ج 8 ص 192. و نهج السعادة ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی ص 151.

    47. حلّه. ورد فی نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 318.
    48. ورد فی المصدر السابق.
    49. ورد فی أمالی الطوسی ص 198. و البحار ج 41 ص 109. و نهج السعادة ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی ص 151.
    50. ذكرا لصاحبه. ورد فی المصادر السابقة. و منهاج البراعة للخوئی ج 8 ص 192.
    51. ورد فی أمالی الطوسی ص 198. و البحار ج 41 ص 109. و نهج السعادة ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی ص 151.
    52. ورد فی المصادر السابقة. و نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 318.
    53. ورد فی البحار ج 41 ص 109. و نهج السعادة ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی ص 151.
    54. ورد فی المصادر السابقة. و أمالی الطوسی ص 198. و نثر الدرّ ج 1 ص 318. و تحف العقول ص 131. و منهاج البراعة ج 8 ص 192 و 193. باختلاف بین المصادر.
    55. بصاحبهم. ورد فی نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 318. و منهاج البراعة للخوئی ج 8 ص 192 و 193. باختلاف.
    56. ورد فی المصدرین السابقین. و تحف العقول للحرّانی ص 131.
    57. ورد فی تحف العقول للحرّانی ص 131. و منهاج البراعة للخوئی ج 8 ص 192. و البحار للمجلسی ج 41 ص 123.
    58. ورد فی الغارات للثقفی ص 49. و أمالی الطوسی ص 198. و تحف العقول ص 131. و منهاج البراعة ج 8 ص 193. و نهج السعادة ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی ص 151.
    59. ورد فی أمالی الطوسی ص 198. و نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 319. و تحف العقول ص 131. و البحار للمجلسی ج 41 ص 123.

      و منهاج البراعة ج 8 ص 193. و نهج السعادة ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی ص 151. باختلاف.

    60. الخطوب. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 2 ص 451. و نهج البلاغة الثانی للحائری ص 151.
    61. فإنّه یحوز. ورد فی تحف العقول للحرّانی ص 131.